الثلاثاء، 28 سبتمبر 2010

فى عيادتى بالدقى 2

ظلت تتردد على عيادتى لفترة طويلة وفى مرة جاءت ومعاها رجل فى اواخر الثلاثينات قالت انها تعرفت علية فى طريقها الى العيادة .. لم اصدق ما رأيت .. هو يبدو رجل مهم .. وقفت ومددت يدى وسلمت علية .. هو هادئ .. لا يتكلم .. سألته ان ينتظر معها بالخارج لنذهب خلال نصف ساعة نشرب عصير فى النادى المجاور للعيادة .. لم يتكلم وهز رأسة بالايجاب .. له نظرة عمبقة كفنان او كعازف


حاولت خلال حديثنا ان اعرف اكثر المعلومات عنه ولكنه كان كتوم .. واثق بنفسة .. حدثنى انه يعمل فى تسويق ادوات التجميل فى شركة اجنبية لها فروع حول العالم .. وانة كان متزوج منذ خمس سنوات .. وانه ترك زوجتة بعد اكتشف انها تخونة .. مع زميلة فى العمل


لم اسمع منه كلمة بعد .. حركت رأسى مع كل حركات شفتية وكأننى انصت جيدا .. ولكننى هربت للأسباب التى تجعل زوجتة تخونة مع صديقة فى العمل .. وتساءلت عن اسباب صراحتة الفظيعة فى اول لقاء بيننا ..

كنت انظر للفتاه بين جملة .. وانا ارها تضحك بشدة على حديثة .. وتنفعل بكلمات الاعجاب التى يقذفها بها ..


انا غير مرتاحة على الاطلاق .. ترتيب غير منطقى للاعجاب .. ساورتنى شكوك فى اهدافة غير المعلنة .. ماذا يريد منها ؟؟


قاطعتة بصوت مرتفع وقلت : وماذا تريد منها ؟؟


رأيتها تنظر الى بغضب ولكننى لم اهتم وكررت سؤالى


وانت ماذا تريد منها ؟؟


قال اريد ان اعطيها عمل فى الشركة التى اعمل بها لتكون هناك فرصة اكبر للتعارف بيننا ووقت اطول نقضية سويا ..

انت بالكاد عرفتها يا سيدى ..كيف احببتها كل هذا الحب ؟؟؟

قال هو انا لدى خبرة كبيرة بالنساء ولا احتاج لنصائح من احد


ادركت انه يريدها ان تعمل معه بطريقة غير شريفة .. وكانت هى تسعد بكلمات اعجابة التى لم تسمعها لشهور

لا اعرف اذا كانت هى مدركة ام لا


يبدو انه يريد ان يستغلها.. فمعظم شركات الاعلانات تستغل الفتيات بطريقة غير قانونية


ولا اعرف هذه المرة كيف سينتهى بها الامر


اختفت وغابت 6 اسابيع عن عيادتى و ذهبت لزيارتها فى المنزل وانا فى الغالب لا ازور المرضى فى بيوتهم ولكننى شعرت ان احتياجها لاسترجاع ثقتها بنفسها يدفعها ان تقبل بأى شئ .. واحضرت معى بورترية لأمرأة تفك اغلال تقيدها ..


اعجبها جدا وقضت اكثر من ربع ساعة تحدق فية وهى تسألنى عن الرسام وعن الالوان المستخدمة والخلفية والزمن والطريقة ...


سألتها عن اخبارها وحياتها و عملها وسبب اختفائها المفاجئ ؟؟


قالت لى فى هدوء ان نهم بالنزول لانها لم تعد ترتاح فى المنزل وبالفعل نزلنا وجلسنا فى مكان كنت اول مرة اذهب الية وكانت تبدو معروفة هناك ولكننى لم ارتاح نفسيا للمكان ورأيت فية نساء ترتمى فى احضان رجال و رجال ترقص وفرق تغنى اغانى قبيحة


- منذ متى وانتى تأتى الى هنا

- اكثر من شهر

- كيف حال صاحب شركة الاعلانات

- هو ليس صاحبها هو فقط يعمل بها

- هل تحبين العمل الذى اعطاه لكى

- لا يجب ان نعمل ما نحب .. يجب ان لا نضيع الفرص

- انت تجدين الفلسفة

- انا درست فلسفة يا دكتورة

- وما هى طبيعة عملك

- انا مازلت متدربة

- بمعنى ؟

- احاول ان ارى فتيات البارات كيف يبدون مثيرات واقلدهم

- وما علاقة البارات بالاعلانات بادوات التجميل؟

- علاقة ليبرالية

- اصبحت تتحدثين فى السياسة

- الهوا اللى بنتنفسوا سياسة يا دكتورة


لا اعرف ماذا حدث فى الاسابيع الماضية ولكنها اصبحت غامضة ولا تريد ان تعطى معلومات كاملة


كنت اعرف ان كل الحاضرين لديهم اعتقادات و تنبؤات لهذه الفتاه .. و ينظرون ويحلمون بليلة بين احضانها . ولكننى كنت اعرف ما لم يعرفوة .. كنت اعرف الاسباب .. كنت اراها كالعذراء .. او كالقديسات .. اراها ضحية .. ضحية شاب لم يقدر قيمة تضحياتها من اجلة


فتحت موضوع غريب بالنسة لى .. ولا اعرف لماذا تحدثت معها فى هذا الموضوع ..


كان يزور عيادتى منذ فترة .. شاب رقيق وحساس .. حتى انه يقشعر جسدة عندما يسلم على باليد .. كان يعانى من قسوة ابية فى الصغر وتربيتة القاسية جلبت لة شعور دائم بأنة صغير وغير مؤهل واحساس بالنقص وعدم الفاعلية لازمة طوال حياتة و زاد عندما تركته فتاه عرفت انه كان يكذب فى كل شئ .. فى تاريخة .. وفى عملة .. وعن عائلتة .. وعن هواياتة ومعتقداتة .. و يبرر كذبة بأنة يتجمل .. ونجح فى أبهارها بالحديث الدائم عن الفتيات الذى عرفها او بالطبع الفتيات الائى تمنى ان يعرفها .. وتركتة بعد ان اخبرها صديق لة بالحقيقة الكاملة


بدأت رحلة العلاج معه بأشياء صغيرة ككتابة خطاب الى حبيبتة ... او عدة ابيات شعر .. و كبناء مدينة متكاملة ووضعها على ماكيت صغير .. وكتشجير الحى الذى يسكن به .. وكتقديم شكوى رسمية فى احد زملائة المستغلين له فى العمل .. وبعد 40 جلسة وبتشجيع من اصدقائى .. اصبح انسان فعال


فى اخر جلسة بيننا اخبرتة اننى اريد ان اعرفة الى فتاه جميلة


قلت لها اننى اريد ان اعرفها بشاب رأك فى العيادة واعجب بك .. هو لم يراها بالفعل ولكننى كذبت وشعرت بأننى يجب ان انقذها الان .. لاننى ربما لا استطيع بعد اسبوع اخر .. لم تميل هى الى حديثى هذه المرة ولكننى اقنعتها انها تجربة جديدة فى كل الاحوال ولقاء واحد لن تجعلها تخسر شىء


اخبرتنى انها ستأتى فصاحب العمل فى الشركة قلل اهتمامه بها بعد ان رفضت حضور حفلة اقامها فى منزلة


بعد يومانن حضرت الى عيادتى و كان هو بانتظارها وذهبت معهم فى 3 لقاءات ثم تجنبت الحضور .. لأننى وجدتة مهتم بها ووجدتها تفاتحنى فى ترك العمل فى شركة ادوات التجميل


كنت اتابع تطوراتهم بالتليفون وكانت احيانا تنقطع اخبارهم عنى فأدعوهم للعشاء فى منزلى.. تلقيت دعوة فرح بعد حوالى سنة من اول لقاء بينهم .. وكان اسمة واسمها بها .. سافرت بعدها لحضور مؤتمر طبى ببرلين ولم استطع حضور مراسم الزواج .. ولكننى عرفت انهم سيجلبون السعادة لبعضهم


فى زيارتى لأحدى قريباتى فى المعادى وجدتها تفتح باب شقة بالعمارة .. لم اعرف انها سكنت فى المعادى وانها تسكن فى الطابق الثانى فى نفس المبنى الذى تسكن فية قريباتى .. وجدت فى وجهها اثار جروح وكدمات.. دخلت الى الشقة وجدت زجاج كثير على الارض .. وجدت النجفة بجوار شاشة التلفاز على الارض .. سألتها عما حدث


بكت لمدة 3 ساعات .. وبكيت معها .. كسرت قاعدة وتورط مع مريض نفسى بعواطفى ..


اخبرتنى انه بدأ يتحول عن الانسان الذى عرفتة منذ ان دخل كشريك ضخم فى مشروع العقارات ولم يدرس المشروع دراسة كافية وخسر فية مبالغ طائلة وانه منذ ذلك الحين يعاملها بقسوة ويحملها اسباب فشلة ويسبها ويعاقبها بالضرب وبالحبس

كما اخبرتنى انه يعذبها وانها ابلغت الشرطة عدة مرات وانه سافر فى الصباح الى دمشق وانه سيعود بعد 3 ايام وانه يرفض ان يطلقها ...

وانها ستهرب الى الاسكندرية لتقضى باقى فترة الحمل ع اقربائها هناك


- حامل

- فى الشهر السادس


كنت هذه المرة انا الجانى .. انا من وثقت بمريض نفسى .. كسرت قاعدة فى الطب النفسى .. وتورطت مع مريض بعواطفى .. ولن اسامح نفسى ابدا


الخميس، 16 سبتمبر 2010

فى عيادتى بالدقى


شقتى ترى جزء من النيل وهذا ما احبة بها .. بها ريسبشن كبير يجلس فية المرضى ومكتب صغير لعم جمال السكرتير وتليفزيون ومروحة .. منذ 3 سنوات كنت اعيش هنا ولكننى حولت الشقة الى عيادة بعد وفاة والدتى لأن كل ركن هنا يذكرنى بها.. قمت بتأجير غرفتان لطبيب اسنان حتى استطيع ان اتحمل نفقات الايجار.

معظم من يأتون لعيادتى النفسية هم من الاغنياء اللذين قضوا عمرهم كلة فى جمع المال وتكوين ثورة تعطيهم احساساً بالامان ثم ادركوا ان المال لا يجلب السعادة ولا يعطى الامان .. والنصف الاخر منهم من النساء اللائى يخن ازواجهم ويشعرون بذنب عميق لذلك .

كانت ثالث مرة اراة بالعيادة وكان دائم الضحك وواسع العلم ويسهل التعامل معه ويتحدث مع كل الزائرين ويفتح حديث شيق معهم ..
دخل الى عيادتى ومعة ثلاثة كتب وضعهم على المكتب ووضع مفاتيح سيارتة وعلبة السجائر وتليفونة على الطاولة امامة واظهرت له ترحيب واعتذرت لة لعدم مقابلتة اليومين السابقين بسبب ظروف العمل.

بدء كلامة بالشكر وبدا يعرفنى بنفسة واسرتة ولم تفارق الابتسامة وجهة ولو دقيقة .

- انا بحبها اوى يا دكتورة
- حد قالك ان ده مكتب استشارات زوجية دى عيادة نفسية يا استاذ .
- ارجوكى يا دكتورة اسمعينى وحسى بيا .. انا مش قادر اعيش من غيرها انا بحبها قوى .. انا هموت لو هى سابتنى .
- يا استاذ انا مقدرش اعمل حاجة انا متخصصة فى امور تانية ، لو سمحت متضيعش وقتى ووقتك وخد الكشف من عم جمال وانت خارج .
- يادكتورة انا مش عايز منك غير انك تكلميها تقوليلها قد اية انا بحبها .
- يا استاذ ممكن اى حد يعمل كدة . ارجوك امشى .. انا مش فاضية لشغل العيال ده .
- دكتورة .. لأ ده مش شغل عيال .. انا هموت نفسى لو سبتنى .. انا محتاج لمساعدة حضرتك ارجوكى ساعدينى ..انا بحبها .. بحبها قوى .. بدأ فى البكاء وكرر الجملة اكثر من مرة .. ارجوكى ساعدينى .. انا بحبها قوى .. ارجوكى ساعدينى .. انا بحبها قوى .
- انا مش عارفة اقول اية ..
- ارجوكى يا دكتورة .. انا مستعد ادفع ضعف الفلوس .
- يا استاذ المسألة مش مسألة فلوس .. على اية حال .. اتفضل مناديل .. انا لازم اشوفها .. ممكن تتفضلوا انتو الاتنين عندى الاسبوع اللى جاى زى انهاردة الساعة خمسة .
- شكرا يا دكتورة .. انا كنت عارف انك مش هتكسفينى .
- العفو يا استاذ على اية .. مع السلامة .

بعد مرور اسبوع عاد هو وهى وطلبت منه ان ينتظر بالخارج وحاولت ان اخبرها بما حدث وافهم منها لماذا هى تريد ان تتركة ؟

اخبرتنى انها لا تريد ان تتركة ولكنة مقتنع انه لا يستحق حبها.. وقالت انه يزيد فى شراء هدايا ويصحبنى للخارج كل يوم .. واخبرتنى انه مدمن لمخدر الحشيش وانه غير واثق بنفسة وغير واثق بها هى ايضا وانه يؤجل اعلان ارتباطهم لأجل غير مسمى .. وانه اعتاد ان يتصل بها طوال اليوم .. ويحدثها طوال الليل .. ويبكى كالاطفال عندما يحدث خلاف بينهم .

شكرتها على صراحتها وسألتها بعض الاسئلة الاخرى عن علاقاتهم واتفقنا على الميعاد القادم فى العيادة .

طلبت من عم جمال ان يستأذنة فى الدخول .

دخل ولم يرد ان يجلس على الكرسى .. جلس على السجاد وظل مدة ساعة او ساعتين يبكى ويقول " انا احبها .. لا اريدها ان تتركنى" ويكررها مرة تلو الاخرى .. وانا احاول ان اجعلة يهدأ واخبرة انها لا تريد ان تتركة .

فى النهاية توقف عن البكاء وسألتة ان يقوم بملأ استمارة اسأل فيها المريض عن تاريخة النفسى بالكامل .. عن سنة وعملة وهواياتة وايضا اسألة عن الادوية التى يأخذها وهل هى بأستشارة طبيب ام لا واسأل عن عملة وطبيعة النشأة والعلاقات فى اسرتة .. وتوقف هو عند سؤال الادوية التى اعتدت ان تأخذها ؟.. واخبرنى انة يتعاطى كبسولات مخدرة تشعرة بالاثارة والبهجة فى المناسبات واخرى تجعل تركيزة يتضاعف فى اوقات العمل الصعبة.

سألتة ان يكتب الاسماء بالضبط حتى اتمكن من الالمام بكل المعلومات .
ذهب وحددنا ميعاد الجلسة القادمة

بعد ثلاث جلسات تحدثنا نحن الثلاث فيها انا وهو وصديقتة اخبرته اننى اريد ان تكون الجلسات معه فردية. وانه يمكنه ان يأتى بمفردة.

بعد حوالى 12 جلسه معه اخبرنى عن ادمانة واتفقنا على العلاج واخبرتة عن اخرين كانوا يعانوا من الادمان وتعافوا منه .. واتصلت بصديقتة وطلبت منها القدوم .. واعلمها هو بقراره .. ولأول مرة ارى هذة المرأة تبكى .. فكانت تبدو لى امرأة قوية بلا دموع .. وأ مسكت يده نحو قلبها ثم قبلتها وقبلت رأسة ووضعت رأسة فى حضنها واعطتة سلسلة كانت فى رقبتها ووعدتة انها ستنتظرة ولن تفكر فى شئ إلا هو .. وانه حب حياتها ورجلها الوحيد .

اتصلت بأصدقاء لى وفى اليوم التالى دبرنا دخولة مصحة تأهيل وعلاج المدمنين .

خرج بعد ان قضى فى المصحة حوالى 13 شهراً .

زارنى فى العيادة بعد ان كنت قد نسيت ملامحة ولكننى تذكرت ابتسامتة العريضة .. جلب لى هدايا كثيرة .. واخبرنى انه اصبح انسان جديد .. سألتة عن عملة واصدقاءة وكيف تسير الاحوال بينة وبين حبيبتة .. اخبرنى انه لم يعد يريد ان يكون معها بعد الآن وانه اخبرها بذلك .. كما اخبرنى انة سيسافر غدا الى احدى دول الخليج وانة جاء ليودعنى قبل سفرة .

سافر هو ولم اراه منذ خمس سنوات .. وهى اصبحت زائرة دائمة فى العيادة .. وسؤالها الدائم ..

هل هو لم يحبنى من البداية ؟ .. هل هو لم يحبنى من البداية ؟ .. هل هو لم يحبنى من البداية ؟ .. هل هو لم يحبنى من البداية ؟ ..