الجمعة، 7 يناير 2011

الذين احبوا جدا

دخلت بالامس الكنيسة ووجدت هدوء يعم المكان وتشديد امنى على الابواب وعلى الاسوار ونسبة الحضور قليلة جدا على غير العاده .. جو عام اصابنى بالاحباط الشديد وزاد على ذلك انتشار الزى الاسود ورائحة الموت وتمنيت من اعماق قلبى الا يعود عيد الميلاد مره اخرى وانا فى هذا البلد القاسى.

ولكننى ما ان دخلت الى الكنيسة إلا ووجدت احمد القمحاوى، نادين ابو شادى، عزة مغازى ومعهم اخرون يقفون بجوار البوابة الرئيسية ولم اصدق ما رأيت .. ذُهلت ووقفت فى مكانى .. اقترب منى احمد القمحاوى ومد يده بابتسامته وقال لى "كل سنة وانتى طيبة" .. نظرت الى جواره ووجدت نادين فذهبت اليها وقبلتها وسلمت على عزة وعلى اخر عرفنى بنفسه ولكننى نسيت اسمه. كنت اشعر بوحشه لأن معظم اصدقائى المسيحين تغيبوا عن الاحتفال ولكننى وجود احمد ونادين وعزة جعلنى اشعر بدفء وامان ونور الهى فى وجوههم .. شرح لى هانى الموقف مجاهداً ان يجعلنى استوعب ان اصدقائنا المسلمين حاضرين معنا احتفال عيد الميلاد .. ودخلت الجميلة ماريان ناجى رغم ان حاول الامن تفتيشها ولكنها كانت قوية ودخل بولا ماجد وبدأت ادرك ان الجميع هنا واننا لا نخشى الارهاب واننا فى سيمفونية حب.. اقترب هانى واخبرنى بحزن ان نواره نجم ابنه الاستاذ احمد فؤاد نجم نجم تقف بالخارج والامن يمنعها من الدخول .. وحاولنا ان نخبر الكشافة الكنسية ان الاستاذة نواره تريد ان تدخل ولكنها لم تستطع ان تدخل .

اصرت الكشافة ان تأخذ بطاقات هويتهم لتسمح لهم بالحضور ودخلوا الاحتفال ووقفت انا بالخارج احاول ان استيقظ من الحلم فطالما ما حلمت ان ارى والمس الحب متجسدا وصليت الى الله ان يكون هذا حقيقياً.

تحدثت مع هانى وعلى الرغم من اننى عرفت ان الحزن يعتصر قلبه لموت ابرياء بدون ذنب إلا انه حاول ان يتحدث بلباقة معى حتى لايزيد الامور سوءً .. قال لى ان الكنائس تحولت الى سفارات الامن المركزى والتفتيش والانذار والكاميرات .. ثم صمت ونظر الى ونظر الى العربات المرصوصة فى الشارع وسألنى ياترى فيها ايه العربيات دى؟ .. كنت اعرف انه غير خائف من الموت ولكنه يخشى موت مزيد من الابرياء ..

كان يأتى على بالى دائما مشهد الموت واتخيل نفسى اشلاء فى ارجاء الكنيسة .. ثم اعود من الخيال بتلال من الاسئلة ؟ .. هل فعلت بحياتى ما يرضينى ام عشت ممسحه للأخرين؟ .. هل احببت حتى الموت ام اننى عشت على الهامش؟ .. هل ظلمت احدا عن قصد او عن غير قصد؟ .. هل كنت حقيقية وواضحة ومفهومة ام اننى لم اجد الوسائل الكافية لأعبر بها عن نفسى؟ .. هل كانت حياتى ايجابية واحدثت تغيير مفيد ام ان وجودى كان زى عدمه؟ .. هل قمت باختيارات غبية ام ان اختياراتى كانت على قدر حجم معلوماتى؟ .. ماذا سأغير فى نفسى وفى مواقفى اذا عدت للبداية فى 8مارس 1986 ؟.

كان يمر امامى كل حين واخر اصدقاء من الكنيسة يهنؤننى بالعيد ولكننى كنت اصلى ان لا يحدث مكروه لهم .. قضينا حوالى 4 ساعات احتفالاً بالميلاد ثم خرج اصدقائى ووجدت نفسى انهال عليهم بالقبلات وذهبنا للبوابة الرئيسية وودعتهم وعدت الى الكنيسة ووجدت الدموع تنهمر من عينى وشعرت بالم كل ام واخت واب فقدوا عزيز سواء ابن او ابنه او ام خلال ايام وبكيت على الاسكندرية المدينة الشهيدة ونظرت الى المغارة الموضوعه وبداخلها تماثيل المسيح الطفل والعذراء والمجوس وسألت المسيح .. لما جئت ؟ لما جئت وعشت وسط قلوب قاسية لا تعرف الحب ولكن التمثال لم يجيبنى ..

صليت لأروى ان يحفظها الرب من كل سوء والى مصعب ومحمد التهامى واسماء وحسناء والى ماريان ناجى وعزة مغازى والى اسرتى واصدقائى والى نادين ابوشادى ان يعطيهم الرب قوة والى هانى جورج واحمد القمحاوى وبولا ماجد وشريف عبد العزيز وصفاء ان يخلق امثالهم كثيرين ولنواره نجم ان يباركها الرب.

فى خروجى وجدتهم منتظرين فجريت وسلمت على نواره والى صديق معها ودعوتهم لمنزلنا فى شبرا ولكن الوقت كان تأخر .. وقفنا واخذنا صورة تذكارية نضعها فى قلوبنا لنذكر انفسنا بحب هؤلاء القديسين الذين احبوا جدا.

هناك تعليق واحد:

  1. نص صادق جدا وهذا سر جماله انت لست فقط فنانة تشكيلية ولكنك تجيدين التعبير بالكتابة والسبب هو الصدق. من ناحية أخرى بالفعل فإن أجواء الخوف والريبة والتوجس تغطي الأفراح والأعياد. نحن نحتاج إلى وقفة حقيقية مع أنفسنا لنواجه ليس فقط الواقع الحزين بل والمستقبل الذي ينذر بما هو اشد. دعوة للتماسك والتضامن لكل مسيحي ومسلم مخلص. لن نضع رؤوسنا في الرمال، ربما ازداد مسلسل الطائفية قسوة المستقبل. ولكننا سنظل متماسكين حتى تنتصر في النهاية القلوب المتآلفة ويعم السلام

    ردحذف